الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***
قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَفَا في إمْكَانِ الْجِمَاعِ بِالْبَاقِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. قال في الْفُرُوعِ قُبِلَ قَوْلُهَا في الْأَصَحِّ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ. وَمَحِلُّهُ ما لم تَكُنْ بِكْرًا صَرَّحَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وهو وَاضِحٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الْبُلْغَةِ. قَوْلُهُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ عِنِّينًا لَا يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ. الْعِنِّينُ هو الذي لَا يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ هو الذي له ذَكَرٌ وَلَكِنَّهُ لَا يَنْتَشِرُ. قَوْلُهُ فَإِنْ اعْتَرَفَ بِذَلِكَ أُجِّلَ سَنَةً مُنْذُ تَرَافُعِهِ فَإِنْ وطىء فيها وَإِلَّا فَلَهَا الْفَسْخُ. إذَا اعْتَرَفَ بِالْعُنَّةِ أو أَقَامَتْ هِيَ بَيِّنَةٌ بها أُجِّلَ سَنَةً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. قال في الْفُرُوعِ هذا الْمَذْهَبُ. قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ وَالْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ انْتَهَى. وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ أَنَّ لها الْفَسْخَ في الْحَالِ منهم أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ وَالْمَجْدُ في الْمُحَرَّرِ.
تنبيه: مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَإِنْ اعْتَرَفَ بِذَلِكَ أُجِّلَ أَنَّهُ لو أَنْكَرَ لَا يُؤَجَّلُ ما لم تَقُمْ بَيِّنَةٌ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ. قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ لَا يُؤَجَّلُ. وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ يُؤَجَّلُ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ. وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَقَالَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ أَيْضًا في مَوْضِعٍ آخَرَ. وَعَنْهُ يُؤَجَّلُ لِلْبِكْرِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَحْلِفُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. قال في الْفُرُوعِ وَيَحْلِفُ في الْأَصَحِّ. قال الزَّرْكَشِيُّ يَحْلِفُ على الصَّحِيحِ من الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ. وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ. وَقِيلَ لَا يَحْلِفُ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. قال الْقَاضِي الْوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ على دَعْوَى الطَّلَاقِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو نَكَلَ أُجِّلَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَالزَّرْكَشِيُّ. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ. وَقِيلَ تُرَدُّ الْيَمِينُ فَيَحْلِفُ وَيُؤَجَّلُ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا الْمُرَادُ بِالسَّنَةِ هُنَا السَّنَةُ الْهِلَالِيَّةُ اثنى عَشَرَ شَهْرًا هِلَالِيًّا. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هذا هو الْمَفْهُومُ من كَلَامِ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُمْ حَيْثُ أَطْلَقُوا السَّنَةَ أَرَادُوا بها الْهِلَالِيَّةَ. قال وَلَكِنْ تَعْلِيلُهُمْ بِالْفُصُولِ يُوهِمُ خِلَافَ ذلك. قال ابن رَجَبٍ وَقَرَأْت بِخَطِّ وَلَدِ أبي الْمَعَالِي ابن منجا يَحْكِي عن وَالِدِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّنَةِ هُنَا هِيَ الشَّمْسِيَّةُ الرُّومِيَّةُ وَأَنَّهَا هِيَ الْجَامِعَةُ لِلْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ التي تَخْتَلِفُ الطِّبَاعُ بِاخْتِلَافِهَا بِخِلَافِ الْهِلَالِيَّةِ. قال وما أَظُنُّهُ أَخَذَ ذلك إلَّا من تَعْلِيلِ الْأَصْحَابِ لَا من تَصْرِيحِهِمْ بِهِ انْتَهَى. قُلْت الْخَطْبُ في ذلك يَسِيرٌ وَالْمُدَّةُ مُتَقَارِبَةٌ فإن زِيَادَةَ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ على السَّنَةِ الْهِلَالِيَّةِ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا وَرُبُعُ يَوْمٍ أو خُمُسُ يَوْمٍ. الثَّانِيَةُ لو اعْتَزَلَتْ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ لم تُحْتَسَبْ عليه من الْمُدَّةِ وَلَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ أو سَافَرَ اُحْتُسِبَ عليه ذلك ذكره في الْبُلْغَةِ. وَذَكَرَ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ احْتِمَالَيْنِ هل يُحْتَسَبُ عليه في مُدَّةِ نُشُوزِهَا أَمْ لَا. وَوَقَعَ لِلْقَاضِي في خِلَافِهِ تَرَدُّدٌ. وَذَكَرَ فيه أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُحْتَسَبُ عليه بِمُدَّةِ الرَّجْعَةِ.
تنبيه: شَمِلَ قَوْلُهُ فَإِنْ اعْتَرَفَتْ أَنَّهُ وَطِئَهَا مَرَّةً بَطَلَ كَوْنُهُ عِنِّينًا. الْوَطْءُ في الْحَيْضِ وَالْإِحْرَامِ وَغَيْرِهِمَا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ كَوْنُهُ عِنِّينًا بِوَطْئِهِ في الْحَيْضِ وَالْإِحْرَامِ. قال الْقَاضِي هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ. قُلْت هذا ضَعِيفٌ جِدًّا.
فائدتان: إحْدَاهُمَا يَكْفِي في زَوَالِ الْعُنَّةِ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ يُشْتَرَطُ إيلَاجُهُ جَمِيعُهُ قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَنَقَلَهُ عنه ابن عَقِيلٍ. فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكْفِي تَغْيِيبُ قَدْرِ الْحَشَفَةِ من الذَّكَرِ الْمَقْطُوعِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالزَّرْكَشِيُّ. وَقِيلَ يُشْتَرَطُ إيلَاجُ بَقِيَّتِهِ قَالَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ في الْمُجَرَّدِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ. الثَّانِيَةُ لو وَطِئَهَا في الرِّدَّةِ لم تُزَلْ بِهِ الْعُنَّةُ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي مَحَلَّ وِفَاقٍ مع الشَّافِعِيَّةِ. قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ زَوَالُهَا بِذَلِكَ وهو الصَّوَابُ. قَوْلُهُ وَإِنْ وَطِئَهَا في الدُّبُرِ أو وطىء غَيْرَهَا لم تُزَلْ الْعُنَّةُ. وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَزُولَ وهو وَجْهٌ. قال في الْهِدَايَةِ وَيَخْرُجُ على قَوْلِ الْخِرَقِيِّ أنها تَزُولُ. قال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ لم تُزَلْ الْعُنَّةُ على قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ. وهو مُقْتَضَى قَوْلِ أبي بَكْرٍ وَاخْتَارَه ابن عَقِيلٍ. وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ فإنه قال وَتَزُولُ بِإِيلَاجِ الْحَشَفَةِ في فَرْجٍ. قُلْت وهو الصَّوَابُ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْفُرُوعِ. وقال لِاخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا في إمْكَانِ طَرَيَان الْعُنَّةِ على ما في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ. وَعَلَى ما في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ وَلَوْ أَمْكَنَ لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ وَلِهَذَا جَزَمَ بِأَنَّهُ لو عَجَزَ لِكِبَرٍ أو مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ ضُرِبَتْ الْمُدَّةُ انْتَهَى. قُلْت وهو الصَّوَابُ. قال في الْبُلْغَةِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هل يُمْكِنُ طَرَيَانُهَا على وَجْهَيْنِ. وَيَنْبَنِي عليها لو تَعَذَّرَ الْوَطْءُ في إحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ أو كان يُمْكِنُ في الدُّبُرِ دُونَ غَيْرِهِ. قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَإِنْ وطىء غَيْرَهَا أو وَطِئَهَا في الدُّبُرِ أو في نِكَاحٍ آخَرَ لم تُزَلْ عُنَّتُهُ لِأَنَّهَا قد تَطْرَأُ في الْأَصَحِّ. وَقِيلَ تَزُولُ كَمَنْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ وَطِئَهَا في هذا النِّكَاحِ. قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَعَلَّ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ مَبْنِيَّانِ على تَصَوُّرِ طَرَيَان الْعُنَّةِ. وقد وَقَعَ لِلْقَاضِي وابن عَقِيلٍ أنها لَا تَطْرَأُ وَكَلَامُهُمَا هُنَا يَدُلُّ على طَرَيَانِهِمَا. قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَطِئَهَا وَقَالَتْ إنَّهَا عَذْرَاءَ وَشَهِدَتْ بِذَلِكَ امْرَأَةٌ ثِقَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَكْفِي شَهَادَةُ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ كَالرَّضَاعِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ الْمَشْهُورَةُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ لَا يُقْبَلُ إلَّا اثْنَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. فَلَوْ قال أَزَلْت بَكَارَتَهَا ثُمَّ عَادَتْ وَأَنْكَرَتْ هِيَ كان الْقَوْلُ قَوْلَهَا بِلَا نِزَاعٍ وَيَحْلِفُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالسَّامِرِيُّ في الْمُسْتَوْعِبِ وأبو الْمَعَالِي في الْخُلَاصَةِ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمْ. وَقِيلَ لَا يَمِينَ عليها وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ وابن أبي مُوسَى قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
فائدة: لو تَزَوَّجَ بِكْرًا فَادَّعَتْ أَنَّهُ عِنِّينٌ فَكَذَّبَهَا وَادَّعَى أَنَّهُ أَصَابَهَا وَظَهَرَتْ ثَيِّبًا فَادَّعَتْ أَنَّ ثُيُوبَتَهَا بِسَبَبٍ آخَرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ. قال في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةَ عَشَرَ وَيَتَخَرَّجُ فيه وَجْهٌ آخَرُ. قَوْلُهُ وَإِنْ كانت ثَيِّبًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. هذا إحْدَى الرِّوَايَاتِ جَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ. وَعَنْهُ الْقَوْلُ قَوْلُهَا وهو الْمَذْهَبُ. قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وقال الْخِرَقِيُّ يُخَلَّى مَعَهَا في بَيْتٍ وَيُقَالُ له أَخْرِجْ مَاءَك على شَيْءٍ فَإِنْ ادَّعَتْ أَنَّهُ ليس بمنى جُعِلَ على النَّارِ فَإِنْ ذَابَ فَهُوَ منى وَبَطَلَ قَوْلُهَا. وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ نَقَلَهَا مُهَنَّا وأبو دَاوُد وأبو الْحَارِثِ وَغَيْرُهُمْ. وَاخْتَارَهَا الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها. فَعَلَى هذا لو ادَّعَتْ أَنَّهُ منى غَيْرِهِ فقال في الْمُبْهِجِ الْقَوْلُ قَوْلُهَا. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ أبي دَاوُد أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ. قُلْت وهو الصَّوَابُ. وقال أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ يُزَوَّجُ امْرَأَةٌ من بَيْتِ الْمَالِ. قال الْقَاضِي لها دِينٌ. وقال الْمُصَنِّفُ لها حَظٌّ من الْجَمَالِ. فَإِنْ ذَكَرَتْ أَنَّهُ قَرِبَهَا كَذَبَتْ الْأُولَى وَخُيِّرَتْ الثَّانِيَةُ في الْإِقَامَةِ وَالْفِرَاقِ وَيَكُونُ الصَّدَاقُ من بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُولَى وكان الصَّدَاقُ عليه من مَالِهِ. وَاعْتَمَدَ في ذلك على أَثَرٍ رَوَاهُ عن سَمُرَةَ وَضَعَّفَهُ الْأَصْحَابُ وَرَدُّوهُ منهم الْمُصَنِّفُ.
تنبيه: اعْلَمْ أَنَّ الْمَجْدَ وَمَنْ تَابَعَهُ خَصَّ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ بِمَا إذَا ادَّعَى الْوَطْءَ بعد ما ثَبَتَتْ عُنَّتُهُ وَأُجِّلَ لِأَنَّهُ انْضَمَّ إلَى عَدَمِ الْوَطْءِ وُجُودُ ما يَقْتَضِي الْفَسْخَ. وَجَعَلُوا على هذه الرِّوَايَةِ إذَا ادَّعَى الْوَطْءَ ابْتِدَاءً وَأَنْكَرَ الْعُنَّةَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ مع يَمِينِهِ وَهِيَ طَرِيقَةُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ. قال الزَّرْكَشِيُّ وَأَطْلَقَ هذه الرِّوَايَةَ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَلَفْظُهَا يَشْهَدُ لهم فإنه قال إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا لَا يَصِلُ إلَيْهَا اُسْتُحْلِفَتْ انْتَهَى.
فائدة: لو ادَّعَتْ زَوْجَةُ مَجْنُونٍ عُنَّتَهُ ضُرِبَتْ له مُدَّةٌ عِنْدَ ابن عقِيلٍ. قُلْت وهو الصَّوَابُ. وَعِنْدَ الْقَاضِي لَا تُضْرَبُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. وَهَلْ تَبْطُلُ بِحُدُوثِهِ فَلَا يَفْسَخُ الْوَلِيُّ فيه الْوَجْهَانِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ الْقِسْمُ الثَّانِي يَخْتَصُّ النِّسَاءَ وهو شَيْئَانِ الرَّتَقُ وهو. كَوْنُ الْفَرْجِ مَسْدُودًا مُلْتَصِقًا لَا مَسْلَكَ لِلذَّكَرِ فيه وَكَذَلِكَ الْقَرَنُ وَالْعَفَلُ وهو لَحْمٌ يَحْدُثُ فيه يَسُدُّهُ. فَجَعَلَ الرَّتَقَ السَّدَّ وَجَعَلَ الْقَرَنَ وَالْعَفَلَ لَحْمًا يَحْدُثُ في الْفَرْجِ فَهُمَا في مَعْنَى الرَّتَقِ إلَّا أَنَّهُمَا نَوْعٌ آخَرُ. وهو قَوْلُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَتَبِعَهُ أبو الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ وَصَاحِبُ الْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ. وَجَعَلَ الْقَاضِي في الْخِلَافِ الثَّلَاثَةَ لَحْمًا يَنْبُتُ في الْفَرْجِ. وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وقال أبو حَفْصٍ الْعَفَلُ رَغْوَةٌ تَمْنَعُ لَذَّةَ الْوَطْءِ وهو بَعْضُ الْقَوْلِ الذي حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ. قال في الرِّعَايَةِ بَعْدَ هذا الْقَوْلِ فَإِذَنْ لَا فَسْخَ له في وَجْهٍ. وقال الزَّرْكَشِيُّ وَإِذَنْ في ثُبُوتِ الْخِيَارِ بِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ أَيْضًا. قُلْت الصَّوَابُ ثُبُوتُهُ بِذَلِكَ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ الْقَرَنُ عَظْمٌ وهو من تَتِمَّةِ الْقَوْلِ الذي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ. قال صَاحِبُ الْمَطْلَعِ وَالزَّرْكَشِيُّ هو عَظْمٌ أو غُدَّةٌ تَمْنَعُ من وُلُوجِ الذَّكَرِ. وَقَالَا الْعَفَلُ شَيْءٌ يَخْرُجُ من فَرْجِ الْمَرْأَةِ وَحَيَا النَّاقَةِ شَبِيهٌ بِالْأُدْرَةِ التي لِلرِّجَالِ في الْخُصْيَةِ وَعَلَى كِلَا الْأَقْوَالِ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ على الصَّحِيحِ. وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَإِذَنْ لَا فَسْخَ له في وَجْهٍ كما قال في الْعَفَلِ. قَوْلُهُ وَالثَّانِي الْفَتْقُ وهو انْخِرَاقُ ما بين السَّبِيلَيْنِ وَقِيلَ انْخِرَاقُ ما بين مَخْرَجِ الْبَوْلِ والمنى. وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ. وقال في الْخُلَاصَةِ هو انْخِرَاقُ ما بين الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ أو ما بين مَخْرَجِ الْبَوْلِ والمنى. وَجَزَمَ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ أَنَّ الْفَتْقَ انْخِرَاقُ ما بين السَّبِيلَيْنِ. وَقَدَّمَ في الْكَافِي أَنَّ الْفَتْقَ انْخِرَاقُ ما بين مَخْرَجِ الْبَوْلِ والمنى. وَثُبُوتُ الْخِيَارِ في الْفَتْقِ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. إذَا عَلِمْت ذلك فَانْخِرَاقُ ما بين السَّبِيلَيْنِ يُثْبِتُ لِلزَّوْجِ الْخِيَارَ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ. قال في الرَّوْضَةِ أو وَجَدَ اخْتِلَاطَهُمَا لِعِلَّةٍ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُهُ أَكْثَرَ. وَأَمَّا انْخِرَاقُ ما بين الْبَوْلِ وَالْمَنِيِّ فَالصَّحِيحُ أَيْضًا من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ لِلزَّوْجِ الْخِيَارُ. قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا. وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُنَوِّرِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْكَافِي. وَقِيلَ لَا يَثْبُتُ بِهِ خِيَارٌ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْمُصَنِّفِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُهُ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مُشْتَرِكٌ بَيْنَهُمَا وهو الْجُذَامُ وَالْبَرَصُ وَالْجُنُونُ سَوَاءٌ كان مُطْبَقًا أو يَخْنُقُ في الْأَحْيَانِ. وقال في الْوَاضِحِ جُنُونٌ غَالِبٌ. وقال في الْمُغْنِي أو إغْمَاءٌ لَا إغْمَاءُ مَرِيضٍ لم يَدُمْ. قال الزَّرْكَشِيُّ فَإِنْ زَالَ الْعَقْلُ بِمَرَضٍ فَهُوَ إغْمَاءٌ لَا يُثْبِتُ خِيَارًا. فَإِنْ دَامَ بَعْدَ الْمَرَضِ فَهُوَ جُنُونٌ. قَوْلُهُ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا في الْبَخَرِ وَاسْتِطْلَاقِ الْبَوْلِ وَالنَّجْوِ وَالْقُرُوحِ السَّيَّالَةِ في الْفَرْجِ وَالنَّاسُورِ وَالْبَاسُورِ والخصى وهو قَطْعُ الْخَصِيَتَيْنِ وَالسَّلِّ وهو سَلُّ الْبَيْضَتَيْنِ وَالْوَجْءِ وهو رَضُّهُمَا وفي كَوْنِهِ خُنْثَى وَفِيمَا إذَا وَجَدَ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ عَيْبًا بِهِ مثله أو حَدَثَ بِهِ الْعَيْبُ بَعْدَ الْعَقْدِ هل يَثْبُتُ الْخِيَارُ على وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيُّ. وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ فِيمَا سِوَى الخصى وَالسَّلِّ وَالْوَجْءِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْبُلْغَةِ في الْجَمِيعِ إلَّا فِيمَا إذَا حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ بَعْدَ الْعَقْدِ. وَأَطْلَقَ في الْمُسْتَوْعِبِ وَشَرْحِ ابن رزين الْخِلَافُ فِيمَا إذَا وَجَدَ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ عَيْبًا بِهِ مثله. وَأَطْلَقَ في الْمُذْهَبِ الْخِلَافَ في الْخَصِيِّ وَالسَّلِّ وَالْوَجْءِ. وإذا وَجَدَ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ عَيْبًا بِهِ مِثْلُهُ. أَحَدُهُمَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ في ذلك كُلِّهِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَه ابن الْقَيِّمِ. وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ فِيمَا إذَا حَدَثَ الْعَيْبُ بَعْدَ الْعَقْدِ. وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ في غَيْرِ ما إذَا وَجَدَ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ عَيْبًا بِهِ مثله أو حَدَثَ الْعَيْبُ بَعْدَ الْعَقْدِ. وَاخْتَارَهُ أبو الْبَقَاءِ في الْجَمِيعِ وزاد وَكُلُّ عَيْبٍ يُرَدُّ بِهِ الْمَبِيعُ. قال الزَّرْكَشِيُّ وهو غَرِيبٌ. وقال أبو بَكْرٍ وأبو حَفْصٍ يَثْبُتُ الْخِيَارُ فِيمَا إذَا كان أَحَدُهُمَا لَا يَسْتَمْسِكُ بَوْلَهُ وَلَا نَحْوُهُ. قال أبو الْخَطَّابِ فَيَخْرُجُ على ذلك من بِهِ بَاسُورٌ وَنَاسُورٌ وَقُرُوحٌ سَيَّالَةٌ في الْفَرْجِ. قال أبو حَفْصٍ وَالْخِصَاءُ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ. وقال أَيْضًا أبو بَكْرٍ وابن حَامِدٍ يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِالْبَخَرِ. وقال في الْمُسْتَوْعِبِ إذَا وُجِدَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ خُنْثَى فَلَهُ الْخِيَارُ في أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ. وَاخْتَارَ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ الْجَدِيدِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَصَاحِبُ الْمُجَرَّدِ قَالَهُ النَّاظِمُ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ فِيمَا إذَا حَدَثَ الْعَيْبُ بَعْدَ الْعَقْدِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ فيه. وَقَدَّمَ في الرِّعَايَتَيْنِ ثُبُوتَ الْخِيَارِ بالخصى وَالسَّلِّ وَالْوَجْءِ وَصَحَّحَ في الْمُذْهَبِ ثُبُوتَ الْخِيَارِ في الْبَخَرِ وَاسْتِطْلَاقِ الْبَوْلِ وَالنَّجْوِ وَالْبَخَرِ وَالنَّاسُورِ وَالْبَاسُورِ وَالْقُرُوحِ السَّيَّالَةِ في الْفَرْجِ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ وَحُدُوثِ هذه الْعُيُوبِ بَعْدَ الْعَقْدِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِذَلِكَ كُلِّهِ وهو مَفْهُومُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْعُيُوبَ التي يَثْبُتُ بها الْخِيَارُ في فَسْخِ النِّكَاحِ ولم يذكر شيئا من هذه. وَقَدَّمَ ابن رزين في شَرْحِهِ غير ما تَقَدَّمَ إطْلَاقُ الْخِلَافِ فيه. وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ في غَيْرِ حُدُوثِ الْعَيْبِ بَعْدَ الْعَقْدِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ أبي حَفْصٍ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِالْبَخَرِ مع كَوْنِهِ عَيْبًا. وَذَكَرَ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ لو حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ بَعْدَ الْعَقْدِ لَا يَمْلِكُ بِهِ الْفَسْخَ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وهو مُنَاقِضٌ لِمَا تَقَدَّمَ عنه فيه. وَاخْتَارَهُ أَيْضًا في التَّعْلِيقِ الْقَدِيمِ. اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في الْخِلَافِ وابن حَامِدٍ وابن الْبَنَّا وَصَحَّحَهُ في الْبُلْغَةِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ.
تَنْبِيهَاتٌ: أَحَدُهَا قَوْلُهُ في الْبَخَرِ وهو نَتْنُ الْفَمِ هو الصَّحِيحُ. قال ابن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ. وقال ابن حَامِدٍ نَتْنٌ في الْفَرْجِ يَثُورُ عِنْدَ الْوَطْءِ. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ يُسَمَّى بَخَرًا وَيَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى له لِأَنَّ نَتْنَ الْفَمِ يَمْنَعُ مُقَارَبَةَ صَاحِبِهِ إلَّا على كُرْهٍ. وقال في الْفُرُوعِ الْبَخَرُ يَشْمَلُهُمَا. وقال في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ في كُلٍّ مِنْهُمَا وَجْهَانِ في ثُبُوتِ الْخِيَارِ بِهِ. وَجَزَمَ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ بِهِمَا. وقال في الْمُسْتَوْعِبِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْخِلَافَ بين أبي بَكْرٍ وابن حَامِدٍ وَعَلَى قَوْلِ أبي بَكْرٍ وابن حَامِدٍ يَثْبُتُ الْخِيَارُ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي حَفْصٍ أَنَّهُ عَيْبٌ لَا يَثْبُتُ بِهِ خِيَارٌ. الثَّانِي ظَاهِرُ قَوْلِهِ وفي كَوْنِهِ خُنْثَى أَنَّهُ سَوَاءٌ كان مُشْكِلًا وَقُلْنَا يَجُوزُ نِكَاحُهُ أو غير مُشْكِلٍ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال قَالَهُ جَمَاعَةٌ. وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ. وقال في الْفُرُوعِ وَخَصَّهُ في الْمُغْنِي بِالْمُشْكِلِ وفي الرِّعَايَةِ عَكْسُهُ. قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُغْنِي يُخَالِفُ ما قال فإنه قال وفي الْبَخَرِ وَكَوْنُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ خُنْثَى وَجْهَانِ وَأَطْلَقَ الْخُنْثَى. وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وبكون [ويكون] أَحَدُهُمَا خُنْثَى غير مُشْكِلٍ أو مُشْكِلًا وَصَحَّ نِكَاحُهُ في وَجْهٍ انْتَهَى. فما نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عنهما مُخَالِفٌ لِمَا هو مَوْجُودٌ في كِتَابَيْهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وقال في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَكَوْنُ أَحَدِهِمَا خُنْثَى غير مُشْكِلٍ فَخَصُّوا الْخُنْثَى بِكَوْنِهِ غير مُشْكِلٍ وَخَصَّهُ في الْمَذْهَبِ بِكَوْنِهِ مُشْكِلًا. الثَّالِثُ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ حَكَوْا الْخِلَافَ في ذلك كُلِّهِ وَجْهَيْنِ. وَحَكَى ابن عقِيلٍ في الْبَخَرِ رِوَايَتَيْنِ. وَحَكَى في التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ فِيمَا إذَا وَجَدَ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ عَيْبًا بِهِ مثله رِوَايَتَيْنِ. الرَّابِعُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ان ما عَدَا ما ذَكَرَهُ لَا يَثْبُتُ بِهِ خِيَارٌ. وَكَذَا قال الشَّارِحُ وَالزَّرْكَشِيُّ. وَأَطْلَقَ في الْفُرُوعِ في ثُبُوتِ الْخِيَارِ بِالِاسْتِحَاضَةِ وَالْقَرَعِ في الرَّأْسِ إذَا كان له رِيحٌ مُنْكَرَةٌ الْوَجْهَيْنِ . وَأَطْلَقَهُمَا في الِاسْتِحَاضَةِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَثْبُتُ بِالِاسْتِحَاضَةِ الْفَسْخُ في أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ. قُلْت الصَّوَابُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ بِذَلِكَ. وَأَلْحَقَ بن رَجَبٍ بِالْقَرَعِ رَوَائِحَ الْإِبِطِ الْمُنْكَرَةِ التي تَثُورُ عِنْدَ الْجِمَاعِ. وَأَجْرَى في الْمُوجَزِ الْخِلَافَ في بَوْلِ الْكَبِيرِ في الْفِرَاشِ. وَاخْتَارَ ابن عقِيلٍ في الْفُصُولِ ثُبُوتَ الْخِيَارِ بِنَضْوِ الْخَلْقِ كَالرَّتَقِ. وَاخْتَارَ بن حَمْدَانَ ثُبُوتَ الْخِيَارِ فِيمَا إذَا كان الذَّكَرُ كَبِيرًا وَالْفَرْجُ صَغِيرًا. وَعَنْ أبي الْبَقَاءِ الْعُكْبَرِيِّ ثُبُوتُ الْخِيَارِ بِكُلِّ عَيْبٍ يُرَدُّ بِهِ الْمَبِيعُ كما تَقَدَّمَ قَرِيبًا. وقال أبو الْبَقَاءِ أَيْضًا لو ذَهَبَ ذَاهِبٌ إلَى أَنَّ الشَّيْخُوخَةَ في أَحَدِهِمَا يُفْسَخُ بها لم يَبْعُدْ. وقال ابن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الهدى فِيمَنْ بِهِ عَيْبٌ كَقَطْعٍ يَدٍ أو رِجْلٍ أو عَمًى أو خَرَسٍ أو طَرَشٍ وَكُلُّ عَيْبٍ يَفِرُّ الزَّوْجُ الْآخَرُ منه وَلَا يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودُ النِّكَاحِ من الْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ يُوجِبُ الْخِيَارَ وَأَنَّهُ أَوْلَى من الْبَيْعِ وَإِنَّمَا يَنْصَرِفُ الْإِطْلَاقُ إلَى السَّلَامَةِ فَهُوَ كَالْمَشْرُوطِ عُرْفًا انْتَهَى. قُلْت وما هو بِبَعِيدٍ وما في مَعْنَاهُ إنْ لم يَكُنْ دخل في كَلَامِهِ من عُرِفَ بِالسَّرِقَةِ. وَنَقَل ابن مَنْصُورٍ إذَا كان عَقِيمًا أَعْجَبُ إلَيَّ أَنْ يُبَيِّنَ لها. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ إذَا كان بِهِ جُنُونٌ أو وَسْوَاسٌ أو تَغَيُّرٌ في عَقْلٍ وكان يَعْبَثُ ويؤذى رَأَيْت أَنْ أُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَا يُقِيمُ على هذا. الْخَامِسُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَإِنْ وَجَدَ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ عَيْبًا بِهِ مِثْلُهُ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ عَيْبًا بِهِ من غَيْرِ جِنْسِهِ ثَبَتَ بِهِ الْخِيَارُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ. قال في الْبُلْغَةِ وَالْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ ثُبُوتُهُ إنْ تَغَايَرَتْ ولم يَسْتَثْنِ شيئا. وَيُسْتَثْنَى من ذلك إذَا وَجَدَ الْمَجْبُوبُ الْمَرْأَةَ رَتْقَاءَ. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَثْبُتَ لَهُمَا الْخِيَارُ. وَقِيلَ حُكْمُهُ كَالْمُمَاثِلِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ وَإِنْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ وَقْتَ الْعَقْدِ أو قال قد رَضِيت بِهِ مَعِيبًا أو وُجِدَ منه دَلَالَةٌ على الرِّضَى من وَطْءٍ أو تَمْكِينٍ مع الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ فَلَا خِيَارَ له. بِلَا خِلَافٍ في الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ أو الرِّضَى بِهِ وَأَمَّا التَّمْكِينُ فَيَأْتِي.
فائدة: خِيَارُ الْعُيُوبِ على التَّرَاخِي على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْمَجْدُ وابن عَبْدُوسٍ وَغَيْرُهُمْ. قال في الْبُلْغَةِ هذا أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ. قال النَّاظِمُ هذا أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ هو على الْفَوْرِ. وَقَالَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ وابن الْبَنَّا في الْخِصَالِ. قال ابن عَقِيلٍ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِحَقِّ الْفَسْخِ تَكُونُ على الْفَوْرِ فَمَتَى أَخَّرَ ما لم تَجْرِ الْعَادَةُ بِهِ بَطَلَ لِأَنَّ الْفَسْخَ على الْفَوْرِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَبْطُلُ الْخِيَارُ إلَّا بِمَا يَدُلُّ على الرِّضَى من الْوَطْءِ وَالتَّمْكِينِ مع الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ أو يَأْتِي بِصَرِيحِ الرِّضَى. قال الزَّرْكَشِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَغَيْرُهُ. قال الْمَجْدُ لَا يَسْقُطُ خِيَارُ الْعُنَّةِ إلَّا بِالْقَوْلِ فَلَا يَسْقُطُ بِالتَّمْكِينِ من الِاسْتِمْتَاعِ وَنَحْوِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لم نَجِدْ هذه التَّفْرِقَةَ لِغَيْرِ الْجَدِّ. قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ الْفَسْخُ إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ. فَيَنْفَسِخُ بِنَفْسِهِ أو يَرُدُّهُ إلَى من له الْخِيَارُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وقال في الْمُوجَزِ يَتَوَلَّاهُ الْحَاكِمُ. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ليس هو الْفَاسِخُ وَإِنَّمَا يَأْذَنُ وَيَحْكُمُ بِهِ فَمَتَى أَذِنَ أو حَكَمَ لِأَحَدٍ بِاسْتِحْقَاقِ عَقْدٍ أو فَسْخٍ فَعَقَدَ أو فَسَخَ لم يَحْتَجْ بَعْدَ ذلك إلَى حُكْمٍ. بِصِحَّتِهِ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو عَقَدَ هو أو فَسَخَ فَهُوَ كَفِعْلِهِ فيه الْخِلَافُ وَإِنْ عَقَدَ الْمُسْتَحِقُّ أو فَسَخَ بِلَا حُكْمٍ فَأَمْرٌ مُخْتَلَفٌ فيه فَيُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ. وَخَرَّجَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ جَوَازَ الْفَسْخِ بِلَا حُكْمٍ في الرِّضَى بِعَاجِزٍ عن الْوَطْءِ كَعَاجِزٍ عن النَّفَقَةِ. قال في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالسِّتِّينَ وَرَجَّحَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّ جَمِيعَ الفسوخ [الفسخ] لَا تَتَوَقَّفُ على حُكْمِ حَاكِمٍ.
فائدة: لو فَسَخَ مع غَيْبَتِهِ فَفِي الِانْتِصَارِ الصِّحَّةُ وَعَدَمُهَا. وقال في التَّرْغِيبِ لَا يُطَلَّقُ على عِنِّينٍ كَمُولٍ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. قَوْلُهُ فَإِنْ فَسَخَ قبل الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ وَإِنْ فَسَخَ بَعْدَهُ فَلَهَا الْمَهْرُ الْمُسَمَّى. هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ عنه مَهْرُ الْمِثْلِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ. وَبَنَى الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ على الرِّوَايَتَيْنِ في النِّكَاحِ الْفَاسِدِ هل الْوَاجِبُ فيه الْمُسَمَّى أو مَهْرُ الْمِثْلِ على ما يَأْتِي في آخِرِ الصَّدَاقِ. وَقِيلَ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ في فَسْخِ النِّكَاحِ بِشَرْطٍ أو عَيْبٍ قَدِيمٍ لَا بِمَا إذَا حَدَثَ الْعَيْبُ بَعْدَ الْعَقْدِ. قُلْت وهو قَوِيٌّ وَقَيَّدَ الْمَجْدُ الرِّوَايَةَ بهذا. وَقِيلَ في فَسْخِ الزَّوْجِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ أو بِشَرْطٍ يُنْسَبُ قَدْرُ نَقْصِ مَهْرِ الْمِثْلِ لِأَجْلِ ذلك إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ كَامِلًا فَيَسْقُطُ من الْمُسَمَّى بِنِسْبَتِهِ فَسَخَ أو أَمْضَى. وَقَاسَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ على الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ. وَحَكَاه ابن شَاقِلَا في بَعْضِ تَعَالِيقِهِ عن أبي بَكْرٍ. وَاخْتَارَه ابن عَقِيلٍ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الشِّيرَازِيِّ وَرَجَّحَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. قُلْت وَفِيهِ قُوَّةٌ. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا وَكَذَلِكَ إنْ ظَهَرَ الزَّوْجُ مَعِيبًا فَلِلزَّوْجَةِ الرُّجُوعُ عليه بِنَقْصِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَكَذَا في فَوَاتِ شَرْطِهَا. قال ابن رَجَبٍ وقد ذَكَرَ الْأَصْحَابُ مثله في الْغَبْنِ في الْبَيْعِ في بَابِ الشُّفْعَةِ.
فائدة: الْخَلْوَةُ هُنَا كَالْخَلْوَةِ في النِّكَاحِ الذي لَا خِيَارَ فيه. قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ بِهِ على من غَرَّهُ من الْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قال في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَيَرْجِعُ على الْغَارِّ على الْأَصَحِّ. قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمَذْهَبَ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ. قال الشَّارِحُ هذا الْمَذْهَبُ. قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ من الرِّوَايَتَيْنِ. وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ لَا يَرْجِعُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في الْخِلَافِ وهو قَوْلُ عَلِيٍّ رضى اللَّهُ عنه. وقد روى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ رَجَعَ عن هذه الرِّوَايَةِ. قال في رِوَايَةِ ابن الحكم كُنْت أَذْهَبُ إلَى قَوْلِ عَلِيِّ بن أبي طَالِبٍ رضي اللَّهُ عنه ثُمَّ هِبْته فَمِلْت إلَى قَوْلِ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ.
فائدة: قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ على من غَرَّهُ من الْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ. وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ. فَعَلَى هذا أَيُّهُمْ انْفَرَدَ بِالتَّغْرِيرِ ضَمِنَ. فَلَوْ أَنْكَرَ الْوَلِيُّ عَدَمَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ وَلَا بَيِّنَةَ قُبِلَ قَوْلُهُ مع يَمِينِهِ وهو الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ. قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فَإِنْ أَنْكَرَ الْغَارُّ عِلْمَهُ بِهِ وَمِثْلُهُ يَجْهَلُهُ وَحَلَفَ بريء. واستثنى من ذلك إذَا كان الْعَيْبُ جُنُونًا. وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ إلَّا في عُيُوبِ الْفَرْجِ. وَقِيلَ إنْ كان الْوَلِيُّ مِمَّا يَخْفَى عليه أَمْرُهَا كَأَبَاعِدِ الْعَصَبَاتِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ إلَّا أَنَّهُ فَصَلَ بين عُيُوبِ الْفَرْجِ وَغَيْرِهَا فَسَوَّى بين الْأَوْلِيَاءِ كُلِّهِمْ في عُيُوبِ الْفَرْجِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا وَأَطْلَقَهُنَّ الزَّرْكَشِيُّ. وقال في الْفُرُوعِ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَلِيِّ في عَدَمِ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ فَإِنْ كان مِمَّنْ له رُؤْيَتُهَا فَوَجْهَانِ. وَأَمَّا الْوَكِيلُ إذَا أَنْكَرَ الْعِلْمَ بِذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مع يَمِينِهِ بِلَا خِلَافٍ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنَّهَا تَضْمَنُ إذَا غَرَّتْهُ لَكِنْ يُشْتَرَطُ لِتَضْمِينِهَا أَنْ تَكُونَ عَاقِلَةً قَالَه ابن عَقِيلٍ وَشَرَطَ مع ذلك أبو عبد اللَّه ابن تَيْمِيَّةَ بُلُوغَهَا. فَعَلَى هذا حُكْمُهَا إذَا ادَّعَتْ عَدَمَ الْعِلْمِ بِعَيْبِ نَفْسِهَا وَاحْتُمِلَ ذلك حُكْمُ الْوَلِيِّ على ما تَقَدَّمَ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا لو وُجِدَ التَّغْرِيرُ من الْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ فَالضَّمَانُ على الْوَلِيِّ على قَوْلِ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ. وقال الْمُصَنِّفُ فِيمَا إذَا كان الْغَرَرُ من الْمَرْأَةِ وَالْوَكِيلِ الضَّمَانُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَيَكُونُ في كُلٍّ من الْوَلِيِّ وَالْوَكِيلِ قَوْلَانِ. وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهَا في الْغَرَرِ بِالْأَمَةِ على أنها حُرَّةٌ. الثَّانِيَةُ مِثْلُهَا في الرُّجُوعِ على الْغَارِّ لو زَوَّجَ امْرَأَةً فَأَدْخَلُوا عليه غَيْرَهَا وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَيُجَهِّزُ زَوْجَتَهُ بِالْمَهْرِ الْأَوَّلِ نَصَّ على ذلك. قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِوَلِيِّ صَغِيرَةٍ أو مجنونة أو سَيِّدِ أَمَةٍ تَزْوِيجُهَا مَعِيبًا وَلَا لِوَلِيِّ كَبِيرَةٍ تَزْوِيجُهَا بِهِ بِغَيْرِ رِضَاهَا. بِلَا نِزَاعٍ من حَيْثُ الْجُمْلَةُ لَكِنْ لو خَالَفَ وَفَعَلَ فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا الصِّحَّةُ مع جَهْلِهِ بِهِ وهو الْمَذْهَبُ. وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَشَرْحِ ابن رزين. وهو ظَاهِرُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ. وَالثَّالِثُ يَصِحُّ مُطْلَقًا. فَعَلَى الْمَذْهَبِ هل له الْفَسْخُ إذْنٌ أو يَنْتَظِرُهَا فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. أَحَدُهُمَا له الْفَسْخُ إذَا عَلِمَ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَنْتَظِرُهَا. وَذَكَرَ في الرِّعَايَةِ الْخِلَافَ إنْ أَجْبَرَهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ وَصَحَّحَهُ في الْإِيضَاحِ مع جَهْلِهِ وَتَخَيَّرَ. وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ في تَزْوِيجِ مَجْنُونٍ أو مَجْنُونَةٍ بمثله وَمَلَكَ الْوَلِيُّ الْفَسْخَ وَجْهَيْنِ. قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَارَتْ الْكَبِيرَةُ نِكَاحَ مَجْبُوبٍ أو عِنِّينٍ لم يَمْلِكْ مَنْعَهَا. هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ. وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَقِيلَ له مَنْعُهَا قال الْمُصَنِّفُ هذا أَوْلَى. قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَارَتْ نِكَاحَ مَجْنُونٍ أو مَجْذُومٍ أو أَبْرَصَ فَلَهُ مَنْعُهَا في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ. قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْفُرُوعِ فَلَهُ مَنْعُهَا في الْأَصَحِّ. قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ هذا أَوْلَى الْوَجْهَيْنِ. وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وقال هذا أَظْهَرُ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ لَا يَمْلِكُ مَنْعَهَا.
فائدتان: إحْدَاهُمَا الذي يَمْلِكُ مَنْعَهَا وَلِيُّهَا الْعَاقِدُ لِلنِّكَاحِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ. وَقِيلَ لِبَقِيَّةِ الْأَوْلِيَاءِ الْمَنْعُ كما قُلْنَا في الْكَفَاءَةِ. قُلْت وهو أَوْلَى وَجَزَمَ بِه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ. الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَإِنْ عَلِمَتْ الْعَيْبَ بَعْدَ الْعَقْدِ أو حَدَثَ بِهِ لم يَمْلِكْ إجْبَارَهَا على الْفَسْخِ. بِلَا نِزَاعٍ لِأَنَّ حَقَّ الْوَلِيِّ في ابْتِدَائِهِ لَا في دَوَامِهِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ.
قَوْلُهُ وَحُكْمُهُ حُكْمُ نِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا يَجِبُ بِهِ وَتَحْرِيمُ الْمُحَرَّمَاتِ، هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ، وقال في التَّرْغِيبِ حُكْمُهُ حُكْمُ نِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ وَيُقَرُّونَ على الْأَنْكِحَةِ الْمُحَرَّمَةِ ما اعْتَقَدُوا حِلَّهَا ولم يَرْتَفِعُوا إلَيْنَا، هذا الْمَذْهَبُ بِهَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَعَنْهُ في مَجُوسِيٍّ تَزَوَّجَ كِتَابِيَّةً أو اشْتَرَى نَصْرَانِيَّةً يَحُولُ الْإِمَامُ بَيْنَهُمَا. فَيَخْرُجُ من هذا أَنَّهُمْ لَا يُقَرُّونَ على نِكَاحٍ مُحَرَّمٍ. وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ قال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ لَا يُقَرُّونَ على مالا مَسَاغَ له في الْإِسْلَامِ كَنِكَاحِ ذَاتِ الْمَحَارِمِ وَنِكَاحِ الْمَجُوسِيِّ الْكِتَابِيَّةَ وَنَحْوِهِ. وَتَقَدَّمَ في بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ في النِّكَاحِ هل يَجُوزُ لِلْمَجُوسِيِّ نِكَاحُ الْكِتَابِيَّةِ. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالصَّوَابُ أَنَّ أَنْكِحَتَهُمْ الْمُحَرَّمَةَ في دِينِ الْإِسْلَامِ حَرَامٌ مُطْلَقًا فإذا لم يُسْلِمُوا عُوقِبُوا عليها وَإِنْ أَسْلَمُوا عفى لهم عنها لِعَدَمِ اعْتِقَادِهِمْ تَحْرِيمَهَا. وأما [أما] الصِّحَّةُ وَالْفَسَادُ فَالصَّوَابُ أنها صَحِيحَةٌ من وَجْهٍ فَاسِدَةٌ من وَجْهٍ فَإِنْ أُرِيدَ بِالصِّحَّةِ إبَاحَةُ التَّصَرُّفِ فَإِنَّمَا يُبَاحُ لهم بِشَرْطِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ أُرِيدَ نُفُوذُهُ وترتب [وترتيب] أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ عليه من حُصُولِ الْحِلِّ بِهِ لِلْمُطَلِّقِ ثَلَاثًا وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ فيه وَثُبُوتُ الْإِحْصَانِ بِهِ فَصَحِيحٌ. وَهَذَا مِمَّا يقوى طَرِيقَةَ من فَرَّقَ بين أَنْ يَكُونَ التَّحْرِيمُ لِعَيْنِ الْمَرْأَةِ أو لِوَصْفٍ لِأَنَّ تَرَتُّبَ هذه الْأَحْكَامِ على نِكَاحِ الْمَحَارِمِ بَعِيدٌ جِدًّا. وقد أَطْلَقَ أبو بَكْرٍ وابن أبي مُوسَى وَغَيْرُهُمَا صِحَّةَ أَنْكِحَتِهِمْ مع تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْإِحْصَانُ بِنِكَاحِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَيْضًا رَأَيْت لِأَصْحَابِنَا في أَنْكِحَتِهِمْ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ. أَحَدُهَا هِيَ صَحِيحَةٌ وقد يُقَالُ هِيَ في حُكْمِ الصِّحَّةِ. وَالثَّانِي ما أُقِرُّوا عليه فَهُوَ صَحِيحٌ وما لم يُقَرُّوا عليه فَهُوَ فَاسِدٌ وهو قَوْلُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وابن عَقِيلٍ وَأَبِي مُحَمَّدٍ. وَالثَّالِثُ ما أَمْكَنَ إقْرَارُهُمْ عليه فَهُوَ صَحِيحٌ وما لَا فَلَا. وَالرَّابِعُ أَنَّ كُلَّ ما فَسَدَ من مَنَاكِحِ الْمُسْلِمِينَ فَسَدَ من نِكَاحِهِمْ وهو قَوْلُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ انْتَهَى. قَوْلُهُ وَإِنْ كان في أَثْنَائِهِ يَعْنِي إذَا أَسْلَمُوا وَتَرَافَعُوا إلَيْنَا في أَثْنَاءِ الْعَقْدِ لم نَتَعَرَّضْ لِكَيْفِيَّةِ عَقْدِهِمْ بَلْ إنْ كانت الْمَرْأَةُ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا كَذَاتِ مَحْرَمِهِ وَمَنْ هِيَ في عِدَّتِهَا أو شُرِطَ الْخِيَارُ في نِكَاحِهَا مَتَى شَاءَ أو مُدَّةً هُمَا فيها أو مُطَلَّقَتِهِ ثَلَاثًا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا أُقِرَّا على النِّكَاحِ. إذَا أَسْلَمُوا أو تَرَافَعُوا إلَيْنَا في أَثْنَاء الْعَقْدِ وَالْمَرْأَةُ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ لَا يُفْسَخُ إلَّا مع مُفْسِدٍ مُؤَبَّدٍ أو مُجْمَعٍ عليه. فَلَوْ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ في عِدَّتِهَا وَأَسْلَمَا أو تَرَافَعَا إلَيْنَا فَإِنْ كان تَزَوَّجَهَا في عِدَّةِ مُسْلِمٍ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِلَا نِزَاعٍ. وَإِنْ كان في عِدَّةِ كَافِرٍ فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا نَصَّ عليه صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ.
تنبيه: شَمَلَ كَلَامُهُ وَلَوْ كانت حُبْلَى من زِنًا قبل الْعَقْدِ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ أو الرِّوَايَتَيْنِ. أَحَدُهُمَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ. جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وهو الصَّوَابُ. وَالثَّانِي لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ. وَأَمَّا إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ في نِكَاحِهَا مَتَى شَاءَ أو مُدَّةً هُمَا فيها فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ بِأَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وهو الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ في الْأُولَى. وَقِيلَ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وأما [أما] إذَا اسْتَدَامَ مُطَلَّقَتَهُ ثَلَاثَةً وهو مُعْتَقِدٌ حِلَّهُ فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وهو الْمَذْهَبُ. قال في الْفُرُوعِ لم يُقَرَّ على الْأَصَحِّ. وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَعَنْهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَاخْتَارَهُ في الْمُحَرَّرِ فِيمَا إذَا أَسْلَمَا.
تنبيه: مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَإِنْ قَهَرَ حَرْبِيٌّ حَرْبِيَّةً فَوَطِئَهَا أو طَاوَعَتْهُ وَاعْتَقَدَاهُ نِكَاحًا أُقِرَّا وَإِلَّا فَلَا. أَنَّهُ لو فَعَلَ ذلك أَهْلُ الذِّمَّةِ أَنَّهُمْ لَا يُقَرُّونَ عليه وهو ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ وَصَرَّحَ بِهِ في التَّرْغِيبِ وَجَزَمَ بِهِ الْبُلْغَةُ. ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحِ أَنَّهُمْ كَأَهْلِ الْحَرْبِ. قُلْت وهو الصَّوَابُ. قَوْلُهُ وَإِنْ كان الْمَهْرُ مُسَمًّى صَحِيحًا أو فَاسِدًا قَبَضَتْهُ اسْتَقَرَّ. وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو أَسْلَمَا فَانْقَلَبَتْ خَمْرٌ خَلًّا وَطَلَّقَ فَهَلْ يَرْجِعُ بِنِصْفِهِ أَمْ لَا فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. قُلْت الصَّوَابُ رُجُوعُهُ بِنِصْفِهِ. وَلَوْ تَلِفَ الْخَلُّ ثُمَّ طَلَّقَ فَفِي رُجُوعِهِ بِنِصْفِ مِثْلِهِ احْتِمَالَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. قُلْت الصَّوَابُ رُجُوعُهُ بِنِصْفِ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ مثلى. قَوْلُهُ وَإِنْ كان فَاسِدًا لم تَقْبِضْهُ فَرَضَ لها مَهْرَ الْمِثْلِ. وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ لا [لو] شيء [كانت] لها في خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ مُعَيَّنٍ وهو رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ خَرَّجَهَا الْقَاضِي.
فائدة: لو كانت قبضت [قبل] بَعْضِ الْمُسَمَّى الْفَاسِدِ وَجَبَ لها حِصَّةُ ما بَقِيَ من مَهْرِ الْمِثْلِ وَيُعْتَبَرُ قَدْرُ الْحِصَّةِ فِيمَا يَدْخُلُهُ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ وَفِيمَا يَدْخُلُهُ الْعَدُّ بَعْدَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ. وَقِيلَ بِقِيمَتِهِ عِنْدَ أَهْلِهِ وأطلقهما في الْفُرُوعِ. قال الْمُصَنِّفُ الشَّارِحُ لو أَصْدَقَهَا عَشْرَ زُقَاقِ خَمْرٍ مُتَسَاوِيَةً فَقَبَضَتْ نِصْفَهَا وَجَبَ لها نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ. وَإِنْ كانت مُخْتَلِفَةً اُعْتُبِرَ ذلك بِالْكَيْلِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَالثَّانِي يُقْسَمُ على عَدَدِهَا. وَإِنْ أَصْدَقَهَا عَشْرَ خَنَازِيرَ فَفِيهِ الْوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا يُقْسَمُ على عَدَدِهَا. وَالثَّانِي يُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا. وَإِنْ أَصْدَقَهَا كَلْبًا وَخِنْزِيرَيْنِ وَثَلَاثَ زُقَاقِ خَمْرٍ فثلاثة أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا يُقْسَمُ على قَدْرِ قِيمَتِهَا عِنْدَهُمْ. وَالثَّانِي يُقْسَمُ على عَدَدِ الْأَجْنَاسِ فيجعل [فيحمل] لِكُلِّ جَزْءِ ثُلُثُ الْمَهْرِ. وَالثَّالِثُ يُقْسَمُ على الْمَعْدُودِ كُلِّهِ فيجعل [فيحمل] لِكُلِّ وَاحِدٍ سُدُسُ الْمَهْرِ.
تنبيه: ظَاهِرُ قَوْلِهِ وإذا أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ مَعًا فَهُمَا على نِكَاحِهِمَا. أَنْ يَتَلَفَّظَا بِالْإِسْلَامِ دَفْعَةً وَاحِدَةً وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ من حَيْثُ الْجُمْلَةُ. وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَدْخُلُ في الْمَعِيَّةِ لو شُرِعَ الثَّانِي قبل أَنْ يَفْرُغَ الْأَوَّلُ. وَقِيلَ هُمَا على نِكَاحِهِمَا إنْ أَسْلَمَا في الْمَجْلِسِ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي. قُلْت وهو الصَّوَابُ لِأَنَّ تَلَفُّظَهُمَا بِالْإِسْلَامِ دَفْعَةً وَاحِدَةً فيه عُسْرٌ وَاخْتَارَهُ النَّاظِمُ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَتْ الْكِتَابِيَّةُ أو أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ غير الْكِتَابِيَّيْنِ قبل الدُّخُولِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ بِلَا نِزَاعٍ. فَإِنْ كانت هِيَ الْمُسْلِمَةَ فَلَا مَهْرَ لها. هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ منهم الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ. قال الزَّرْكَشِيُّ قَطَعَ بهذا جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه. وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ لها نِصْفُ الْمَهْرِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ. قُلْت وهو أَوْلَى وَأَطْلَقَهُمَا في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. قال الزَّرْكَشِيُّ وَحَكَى أبو مُحَمَّدٍ رِوَايَةً بِأَنَّ لها نِصْفَ الْمَهْرِ وَأَنَّهَا اخْتِيَارُ أبي بَكْرٍ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ من قِبَلِ الزَّوْجِ بِتَأَخُّرِهِ عن الْإِسْلَامِ. وَالْمَنْقُولُ في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ التَّوَقُّفُ انْتَهَى. قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ أَيْضًا. قال [قاله] في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. قال في الْهِدَايَةِ وَهِيَ اخْتِيَارُ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا. قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَتَيْنِ وَالْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَغَيْرِهِمْ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزُ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. وَهَذَا من غَيْرِ الْأَكْثَرِ الذي ذَكَرْنَاهُ عن الْفُرُوعِ في الْخُطْبَة. وَعَنْهُ لَا شَيْءَ لها جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ. قُلْت وهو الصَّوَابُ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وَيَأْتِي ذلك أَيْضًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في كِتَابِ الصَّدَاقِ فِيمَا يُنَصِّفُ الْمَهْرَ. فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ أَسْلَمَا وَقَالَتْ سَبَقْتَنِي وقال أَنْتِ سَبَقْتِنِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَإِنْ قَالَا سَبَقَ أَحَدُنَا وَلَا نَعْلَمُ عَيْنَهُ فَلَهَا أَيْضًا نِصْفُ الْمَهْرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وقال الْقَاضِي إنْ لم تَكُنْ قَبَضَتْهُ لم تُطَالِبْهُ بِشَيْءٍ وَإِنْ كانت قَبَضَتْهُ لم يَرْجِعْ عليها بِمَا فَوْقَ النِّصْفِ. قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَسْلَمْنَا مَعًا فَنَحْنُ على النِّكَاحِ وَأَنْكَرَتْهُ فَعَلَى وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. وَظَاهِرِ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ. أَحَدُهُمَا الْقَوْلُ قَوْلُهَا وهو الْمَذْهَبُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي. قال في الْخُلَاصَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا على الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابن رزين. قُلْت وهو الصَّوَابُ. وَالثَّانِي الْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا قبل الدُّخُولِ وَقَفَ الْأَمْرُ على انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. وهو المذهب [للمذهب] وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَاتِ. قال أبو بَكْرٍ رَوَاهُ عنه نَحْوٌ من خَمْسِينَ رَجُلًا وَالْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالشَّيْخَانِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ. قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى هذا أَظْهَرُ وَأَوْلَى وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ أَنَّ الْفُرْقَةَ تَتَعَجَّلُ بِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا كما قبل الدُّخُولِ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ أبو بَكْرٍ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ. وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ الْوَقْفُ بِإِسْلَامِ الْكِتَابِيَّةِ وَالِانْفِسَاخُ بِغَيْرِهَا. قال الزَّرْكَشِيُّ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ رَابِعَةٌ بِالْوَقْفِ وقال أَحَبُّ إلَيَّ الْوَقْفُ عِنْدَهَا. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا إذَا أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ بَقَاءَ نِكَاحِهِ قبل الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ ما لم تَنْكِحْ غَيْرَهُ وَالْأَمْرُ إلَيْهَا وَلَا حُكْمَ له عليها وَلَا حَقَّ لها عليه وكذا لو أَسْلَمَ قَبْلَهَا وَلَيْسَ له حَبْسُهَا وَأَنَّهَا مَتَى أَسْلَمَتْ وَلَوْ قبل الدُّخُولِ وَبَعْدَ الْعِدَّةِ فَهِيَ امْرَأَتُهُ إنْ اخْتَارَ انْتَهَى. قَوْلُهُ مُفَرَّعًا على الْمَذْهَبِ فَإِنْ أَسْلَمَ الثَّانِي قبل انْقِضَائِهَا فَهُمَا على نِكَاحِهِمَا وَإِلَّا تَبَيَّنَّا أَنَّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ حين أَسْلَمَ الْأَوَّلُ. وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ.
تنبيه: مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَقَفَ الْأَمْرُ على انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ ليس له عليها سَبِيلٌ بَعْدَ انْقِضَائِهَا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ. قال الزَّرْكَشِيُّ وَقِيلَ عنه ما يَدُلُّ على رِوَايَةٍ وَهِيَ الْأَخْذُ بِظَاهِرِ حديث زَيْنَبَ بِنْتِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَأَنَّهَا تُرَدُّ له وَلَوْ بَعْدَ الْعِدَّةِ. قَوْلُهُ فَعَلَى هذا يَعْنِي على الْقَوْلِ بِأَنَّ الْأَمْرَ يَقِفُ على انْقِضَاءِ الْعِدَّةُ. لو وَطِئَهَا في عِدَّتِهَا ولم يُسْلِمْ الثَّانِي فَعَلَيْهِ الْمَهْرُ وَإِنْ أَسْلَمَ فَلَا شَيْءَ لها. بِلَا نِزَاعٍ على هذا الْبِنَاءِ. وَقَوْلُهُ وإذا أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ فَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ وَإِنْ كان هو الْمُسْلِمُ فَلَا نَفَقَةَ لها. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَقِيلَ لها النَّفَقَةُ إنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ في الْعِدَّةِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ في الْعِدَّةِ وَهِيَ غَيْرُ كِتَابِيَّةٍ فَهَلْ لها النَّفَقَةُ فِيمَا بين إسْلَامِهِمَا على وَجْهَيْنِ. قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا في السَّابِقِ مِنْهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي الْقَوْلُ قَوْلُهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ.
فوائد: إحْدَاهَا لو اتَّفَقَا على أنها أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ وَقَالَتْ أَسْلَمَتْ في الْعِدَّةِ وقال بَلْ بَعْدَهَا كان الْقَوْلُ قَوْلَهَا. الثَّانِيَةُ لو لَاعَنَ ثُمَّ أَسْلَمَ صَحَّ لِعَانُهُ وَإِلَّا فَسَدَ فَفِي الْحَدِّ إذَنْ وَجْهَانِ في التَّرْغِيبِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ وقال هُمَا فِيمَنْ ظَنَّ صِحَّةَ نِكَاحِهِ فَلَاعَنَ ثُمَّ بَانَ فَسَادُهُ. الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ وَإِنْ ارْتَدَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قبل الدُّخُولِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَلَا مَهْرَ لها إنْ كانت هِيَ الْمُرْتَدَّةَ وَإِنْ كان هو الْمُرْتَدَّ فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ لو ارْتَدَّا معا فَهَلْ يَتَنَصَّفُ الْمَهْرُ أو يَسْقُطُ فيه وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُنَوِّرِ أَنَّهُ يَسْقُطُ. وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ كَفَرَا أو أَحَدُهُمَا قبل الدُّخُولِ بَطَلَ الْعَقْدُ وَإِنْ سَبَقَهَا وَحْدَهُ أو كَفَرَ وَحْدَهُ فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ وإلا يَسْقُطْ. وَقِيلَ إنْ كَفَرَا مَعًا وَجَبَ. وَقِيلَ فيه وَجْهَانِ. فَقُدِّمَ السُّقُوطُ وكذا قُدِّمَ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. قال الزَّرْكَشِيُّ في شَرْحِ الْوَجِيزِ وَالْأَظْهَرُ التَّنْصِيفُ. قَوْلُهُ وَإِنْ كانت الرِّدَّةُ بَعْدَ الدُّخُولِ فَهَلْ تَتَعَجَّلُ الْفُرْقَةُ أو تَقِفُ على انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ على رِوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْبُلْغَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. إحْدَاهُمَا تَقِفُ على انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ. وقال الزَّرْكَشِيُّ في شَرْحِ الْوَجِيزِ وهو الْمَذْهَبُ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ. قال ابن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ وَمَالَ إلَيْهِ الشَّارِحُ وهو الصَّحِيحُ. وَالثَّانِي تَتَعَجَّلُ الْفُرْقَةُ اخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالزُّبْدَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هُنَا مِثْلَ اخْتِيَارِهِ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ كما تَقَدَّمَ قَرِيبًا. قَوْلُهُ فَإِنْ كان هو الْمُرْتَدَّ فَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ. هذا مَبْنِيٌّ على الْقَوْلِ بِأَنَّ النِّكَاحَ يَقِفُ على انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ.
فائدة: لو وَطِئَهَا أو طَلَّقَهَا وَقُلْنَا لَا تَتَعَجَّلُ الْفُرْقَةُ فَفِي وُجُوبِ الْمَهْرِ وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ خِلَافٌ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ. قُلْت جَزَمَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ بِوُجُوبِ الْمَهْرِ إذَا لم يُسْلِمَا حتى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ. قَوْلُهُ وَإِنْ انْتَقَلَ أَحَدُ الْكِتَابِيَّيْنِ إلَى دِينٍ لَا يُقَرُّ عليه فَهُوَ كَرِدَّتِهِ. إنْ انْتَقَلَ الزَّوْجَانِ أو أَحَدُهُمَا إلَى دِينٍ لَا يُقَرُّ عليه أو تَمَجَّسَ كِتَابِيٌّ تَحْتَهُ كِتَابِيَّةٌ فَكَالرِّدَّةِ بِلَا نِزَاعٍ. وَإِنْ تَمَجَّسَتْ الْمَرْأَةُ تَحْتَ كِتَابِيٍّ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ كَالرِّدَّةِ أَيْضًا وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُنَوِّرِ. وهو الصَّوَابُ لِأَنَّهَا لَا تُقَرُّ عليه وَإِنْ كانت تُبَاحُ لِلْكِتَابِيِّ على الصَّحِيحِ وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ. وَقِيلَ النِّكَاحُ بِحَالِهِ. جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ. قُلْت قد تَقَدَّمَ في بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ في النِّكَاحِ أَنَّ الْكِتَابِيَّ يَجُوزُ له نِكَاحُ الْمَجُوسِيَّةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَهَذَا في مَعْنَاهُ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ كَافِرٌ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ من أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فَأَسْلَمْنَ معه اخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا وَفَارَقَ سَائِرَهُنَّ. إنْ كان مُكَلَّفًا اخْتَارَ وَإِنْ كان صَغِيرًا لم يَصِحَّ اخْتِيَارُهُ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ لَا يَخْتَارُ له الْوَلِيُّ وَيَقِفُ الْأَمْرُ حتى يَبْلُغَ قَالَهُ الْأَصْحَابُ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى الشَّهْوَةِ وَالْإِرَادَةِ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ وَلِيَّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ في التَّعْيِينِ وَضَعَّفَ الْوَقْفِ. وَخَرَّجَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ صِحَّةَ اخْتِيَارِ الْأَبِ مِنْهُنَّ وَفَسْخَهُ على صِحَّةِ طَلَاقِهِ عليه. قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت فَإِنْ قُلْنَا يَصِحُّ طَلَاقُ وَالِدِهِ عليه صَحَّ اخْتِيَارُهُ له وَإِلَّا فَلَا. فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُوقَفُ الْأَمْرُ حتى يَبْلُغَ فَيَخْتَارَ على الصَّحِيحِ قَالَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. وقال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ يُوقَفُ الْأَمْرُ حتى يَبْلُغَ عَشْرَ سِنِينَ فَيَخْتَارَ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وقال قُلْت إنْ صَحَّ إسْلَامُهُ بِنَفْسِهِ صَحَّ اخْتِيَارُهُ وَإِلَّا فَلَا. وقال ابن عَقِيلٍ يُوقَفُ الْأَمْرُ حتى يُرَاهِقَ وَيَبْلُغَ أَرْبَعَ عَشَرَ سَنَةً فَيَخْتَارَ.
فائدة: لو [أو] أَسْلَمَ على أَكْثَرَ من أَرْبَعٍ أو على أُخْتَيْنِ فَاخْتَارَ أَرْبَعًا أو إحْدَى الْأُخْتَيْنِ فقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ يَعْتَزِلُ الْمُخْتَارَاتِ وَلَا يَطَأُ الرَّابِعَةَ حتى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْمُفَارِقَةِ. فَلَوْ كُنَّ خَمْسًا فَفَارَقَ إحْدَاهُنَّ فَلَهُ وَطْءٌ ثَلَاثًا من الْمُخْتَارَاتِ وَلَا يَطَأُ الرَّابِعَةَ حتى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْمُفَارِقَةِ وَعَلَى ذلك فَقِسْ وَكَذَلِكَ الْأُخْتُ. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في شَرْحِ الْمُحَرَّرِ وفي هذا نَظَرٌ فإن ظَاهِرَ السُّنَّةِ يُخَالِفُ ذلك. قال وقد تَأَمَّلْت كَلَامَ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا فَوَجَدْتهمْ قد ذَكَرُوا أَنَّهُ يُمْسِكُ أَرْبَعًا ولم يَشْتَرِطُوا في جَوَازِ وَطْئِهِ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ لَا في جَمْعِ الْعَدَدِ وَلَا في جَمْعِ الرَّحِمِ. وَلَوْ كان لِهَذَا أَصْلٌ عِنْدَهُمْ لم يُغْفِلُوهُ فَإِنَّهُمْ دَائِمًا يُنَبِّهُونَ في مِثْلِ هذا على اعْتِزَالِ الزَّوْجَةِ كما ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا إذَا وطىء أُخْتَ امْرَأَتِهِ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ أو زِنًا بها وقال هذا هو الصَّوَابُ فإن هذه الْعِدَّةَ تَابِعَةٌ لِنِكَاحِهَا وقد عَفَا اللَّهُ عن جَمِيعِ نِكَاحِهَا فَكَذَلِكَ يَعْفُو عن تَوَابِعِ ذلك النِّكَاحِ وَهَذَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ لم يَجْمَعْ عَقْدًا وَلَا وَطْئًا انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ في الْمُحَرَّمَاتِ في النِّكَاحِ إذَا زَنَا بِامْرَأَةٍ وَلَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ هل يَعْتَزِلُ الْأَرْبَعُ حتى يَسْتَبْرِئَ الرابعة [للرابعة] أو وَاحِدَةً.
تنبيه: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ جَوَازُ الِاخْتِيَارِ في حَالِ إحْرَامِهِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ. قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ. وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ لِأَنَّهُ اسْتِدَامَةٌ. وقال الْقَاضِي لَا يَخْتَارُ وَالْحَالَةُ هذه وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ.
فوائد: إحداها مَوْتُ الزَّوْجَاتِ لَا يَمْنَعُ اخْتِيَارَهُنَّ فَلَوْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ ثَمَانِ نِسْوَةٍ أَسْلَمَ معه أربع [أربعة] مِنْهُنَّ ثُمَّ مُتْنَ ثُمَّ أَسْلَمَ الْبَوَاقِي في الْعِدَّةِ فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ الْأَحْيَاءَ وَيَتَبَيَّنَ أَنَّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْتَى بِاخْتِلَافِ الدِّينِ فَلَا يَرِثُهُنَّ. وَلَهُ ان يَخْتَارَ الْمَوْتَى فَيَرِثُهُنَّ وَيَتَبَيَّنُ أَنَّ الْأَحْيَاءَ بِنَّ لِاخْتِلَافِ الدِّينِ وَعِدَّتُهُنَّ من ذلك الْوَقْتِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ ليس بِإِنْشَاءِ عَقْدٍ في الْحَالِ وَإِنَّمَا تَبِينُ بِهِ من كانت زَوْجَتُهُ وَالتَّبَيُّنُ يَصِحُّ في الْمَوْتَى كما يَصِحُّ في الْأَحْيَاءِ. وَقَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا. الثَّانِيَةُ لو أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ من أَرْبَعٍ أو من لَا يَجُوزُ جَمْعُهُ في الْإِسْلَامِ فَاخْتَارَ وَانْفَسَخَ نِكَاحُ الْعَدَدِ الزَّائِدِ قبل الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لَهُنَّ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالْخِلَافِ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ. قال في الْقَوَاعِدِ وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ بِوُجُوبِ نِصْفِ الْمَهْرِ. الثَّالِثَةُ صِفَةُ الِاخْتِيَارِ أَنْ يَقُولَ اخْتَرْت نِكَاحَ هَؤُلَاءِ أو أَمْسَكْتهنَّ أو اخْتَرْت حَبْسَهُنَّ أو إمْسَاكَهُنَّ أو نِكَاحَهُنَّ وَنَحْوَهُ أو يَقُولَ تَرَكْت هَؤُلَاءِ أو فَسَخْت نِكَاحَهُنَّ أو اخْتَرْت مُفَارَقَتَهُنَّ وَنَحْوَهُ فَيَثْبُتُ نِكَاحُ الْأُخَرِ وَإِنْ لم يَخْتَرْ أُجْبِرَ عليه بِحَبْسٍ وَتَعْزِيرٍ. وَعِدَّةُ ذَوَاتِ الْفَسْخِ مُنْذُ اخْتَارَ على الصَّحِيحِ. قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ. قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ هذا الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ مُنْذُ أَسْلَمَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. وَيَأْتِي إذَا اخْتَارَ أَرْبَعًا قد أَسْلَمْنَ أَنَّ عِدَّةَ الْبَوَاقِي إنْ لم يُسْلِمْنَ من وَقْتِ إسْلَامِهِ وَكَذَا إنْ أَسْلَمْنَ على الصَّحِيحِ. قَوْلُهُ فَإِنْ طَلَّقَ إحْدَاهُنَّ أو وَطِئَهَا كان اخْتِيَارًا لها. وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ في الطَّلَاقِ وَقَدَّمَهُ في الْوَطْءِ. وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَإِنْ وطىء كان اخْتِيَارًا في قِيَاسِ الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ فِيهِمَا في الْفُرُوعِ. وَقِيلَ ليس اخْتِيَارًا فِيهِمَا. وفي الْوَاضِحِ وَجْهٌ أَنَّ الْوَطْءَ هُنَا كَالْوَطْءِ في الرَّجْعَةِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ في بَابِ الرَّجْعَةِ أَنَّ الْوَطْءَ لَا يَكُونُ اخْتِيَارًا. قال في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ لو أَسْلَمَ الْكَافِرُ وَعِنْدَهُ أَكْثَرُ من أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فَأَسْلَمْنَ أو كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ فَالْأَظْهَرُ أَنَّ له وَطْءَ أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ وَيَكُونُ اخْتِيَارًا منه لِأَنَّ التَّحْرِيمَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالزِّيَادَةِ على الْأَرْبَعِ. وَكَلَامُ الْقَاضِي قد يَدُلُّ على هذا. وقد يَدُلُّ على تَحْرِيمِ الْجَمِيعِ قبل الِاخْتِيَارِ انْتَهَى.
تنبيه: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في الطَّلَاقِ أَنَّهُ سَوَاءٌ كان بِلَفْظِ الطَّلَاقِ أو السَّرَاحِ أو الْفِرَاقِ وهو صَحِيحٌ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ بِلَفْظِ السَّرَاحِ أو. الْفِرَاقِ الطَّلَاقَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ. وقال الْقَاضِي في الْفِرَاقِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَكُونُ اخْتِيَارًا لِلْمُفَارَقَاتِ لِأَنَّ لَفْظَ الْفِرَاقِ صَرِيحٌ في الطَّلَاقِ. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وقال في الْكَافِي وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وفي لَفْظِ الْفِرَاقِ والسراح وَجْهَانِ يَعْنُونَ هل يَكُونُ فَسْخًا لِلنِّكَاحِ أو اخْتِيَارًا له. وَاخْتَارَ في التَّرْغِيبِ أَنَّ لَفْظَ الْفِرَاقِ هُنَا ليس طَلَاقًا وَلَا اخْتِيَارًا لِلْخَبَرِ. قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَّقَ الْجَمِيعَ ثَلَاثًا أَقْرَعَ بَيْنَهُنَّ فَأَخْرَجَ بِالْقُرْعَةِ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ وَلَهُ نِكَاحُ الْبَوَاقِي. يَعْنِي بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهِنَّ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ اخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ لَا قُرْعَةَ وَيَحْرُمْنَ عليه وَلَا يَبُحْنَ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَإِصَابَةٍ. قال الْقَاضِي في خِلَافِهِ في كِتَابِ الْبَيْعِ يُطَلِّقُ الْجَمِيعَ ثَلَاثًا. قال في الْقَوَاعِدِ وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى أَنَّ الطَّلَاقَ فَسْخٌ وَلَيْسَ بِاخْتِيَارٍ. وَلَكِنْ يَلْزَمُ منه أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ في الْإِسْلَامِ أَكْثَرُ من أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ يَتَصَرَّفُ فِيهِنَّ بِخَصَائِصِ مِلْكِ النِّكَاحِ من الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ وهو بَعِيدٌ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ ان الطَّلَاقَ هُنَا فَسْخٌ وَلَا يَحْتَسِبُ بِهِ من الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَلَيْسَ بِاخْتِيَارٍ.
فائدة: لو وطىء الْكُلَّ تَعَيَّنَ له الْأَوَّلُ. قَوْلُهُ وَإِنْ ظَاهَرَ أو آلَى من إحْدَاهُنَّ فَهَلْ يَكُونُ اخْتِيَارًا لها على وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَشَرْحِ ابن منجا. أَحَدُهُمَا لَا يَكُونُ اخْتِيَارًا وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. قال في الْبُلْغَةِ لم يَكُنْ اخْتِيَارًا على الْأَصَحِّ. قال الزَّرْكَشِيُّ هذا أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَنِهَايَةِ ابن رزين. وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ الْأَزَجِيُّ في مُنْتَخَبِهِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وهو الذي ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَكُونُ اخْتِيَارًا وهو احْتِمَالٌ في الْكَافِي. قال في الْمُنَوِّرِ لو ظَاهَرَ منها فَمُخْتَارَةٌ. وقال في إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَطَلَاقُهُ وَوَطْؤُهُ اخْتِيَارٌ لاظهاره وَإِيلَاؤُهُ في وَجْهٍ. قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ فَعَلَى الْجَمِيعِ عِدَّةُ الْوَفَاةِ. هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ. وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ. قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُنَّ أَطْوَلُ الْأَمْرَيْنِ من ذلك أو ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ إنْ كُنَّ مِمَّنْ يَحِضْنَ أو إنْ كانت حَامِلًا فَبِوَضْعِهِ وَالْآيِسَةُ وَالصَّغِيرَةُ عِدَّةُ الْوَفَاةِ وهو الْمَذْهَبُ. قال الشَّارِحُ هذا الصَّحِيحُ وَالْأَوْلَى وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ لَا يَصِحُّ. وَجَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَقَدَّمَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. قُلْت وهو الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْبُلْغَةِ وَالْفُرُوعِ. وَقِيلَ يَلْزَمُهُنَّ الْأَطْوَلُ من عِدَّةِ الْوَفَاةِ أو عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ. قال في الرِّعَايَتَيْنِ لَزِمَهُنَّ عِدَّةُ الْوَفَاةِ. وَقِيلَ يَلْزَمُ الْمَدْخُولَ بها الْأَطْوَلُ من عِدَّةِ الْوَفَاةِ أو عِدَّةِ طَلَاقٍ من حِينِ الْإِسْلَامِ. وَقِيلَ هذا إنْ كُنَّ ذَوَاتِ أَقْرَاءٍ وَإِلَّا فَعِدَّةُ وَفَاةٍ كَمَنْ لم يَدْخُلْ بها انْتَهَى.
فوائد: إحْدَاهَا لو أَسْلَمَ معه الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ وَلَسْنَ بِكِتَابِيَّاتٍ لم يُخَيَّرْ في غَيْرِ مُسْلِمَةٍ وَلَهُ إمْسَاكُ من شَاءَ عَاجِلًا وَتَأْخِيرُهُ حتى يُسْلِمَ من بقى أو تَفْرُغَ عِدَّتُهُنَّ هذا الْمَذْهَبُ. قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ. وَجَزَمَ بِه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا. وَقِيلَ مَتَى نَقَصَ الْكَوَافِرُ عن أَرْبَعٍ لَزِمَهُ تَعْجِيلُهُ بِقَدْرِ النَّقْصِ. وإذا عَجَّلَ اخْتِيَارَ أَرْبَعٍ قد أَسْلَمْنَ فَعِدَّةُ الْبَوَاقِي إنْ لم يُسْلِمْنَ من وَقْتِ إسْلَامِهِ وكذا إنْ أَسْلَمْنَ على الصَّحِيحِ. قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالزُّبْدَةِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا. وَجَزَمَ بِه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ تَعْتَدُّ من وَقْتِ اخْتِيَارِهِ. قال في الرِّعَايَتَيْنِ وهو أَوْلَى. وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ. وإذا انْقَضَتْ عِدَّةُ الْبَوَاقِي ولم يُسْلِمْ إلَّا أَرْبَعٌ أو أَقَلُّ فَقَدْ لَزِمَ نِكَاحُهُنَّ. وَلَوْ اخْتَارَ أَوَّلًا فَسْخَ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ صَحَّ إنْ تَقَدَّمَهُ إسْلَامُ أَرْبَعٍ سِوَاهَا وَإِلَّا لم يَصِحَّ بِحَالٍ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ يُوقَفُ فَإِنْ نَكَلَ بَعْدَ إسْلَامِ أَرْبَعٍ سِوَاهَا ثَبَتَ الْفَسْخُ فيها وَإِلَّا بَطَلَ. الثَّانِيَةُ لو أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ وَلَهَا زَوْجَانِ أو أَكْثَرُ تَزَوَّجَاهَا في عَقْدٍ وَاحِدٍ لم يَكُنْ لها أن تَخْتَارُ أَحَدَهُمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي مَحَلُّ وِفَاقٍ. الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ وَإِنْ كان دخل بِالْأُمِّ فَسَدَ نِكَاحُهُمَا. بِلَا نِزَاعٍ لَكِنَّ الْمَهْرَ يَكُونُ لِلْأُمِّ. قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ إمَاءٌ فَأَسْلَمْنَ معه وكان في حَالِ اجْتِمَاعِهِمْ على الْإِسْلَامِ مِمَّنْ يَحِلُّ له [والإماء] الإماء فَلَهُ الِاخْتِيَارُ مِنْهُنَّ وَإِلَّا فَسَدَ نِكَاحُهُنَّ. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وقال أبو بَكْرٍ إنْ كان قد دخل بِهِنَّ ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ في عِدَّتِهِنَّ لَا يَجُوزُ له الِاخْتِيَارُ هُنَا بَلْ يَبِنُّ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ وهو مُوسِرٌ فلم يُسْلِمْنَ حتى أَعْسَرَ فَلَهُ الِاخْتِيَارُ مِنْهُنَّ. قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ. وقال في الْفُرُوعِ اخْتَارَ إنْ جَازَ له نِكَاحُهُنَّ وَقْتَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ بِإِسْلَامِهِنَّ وَإِلَّا فَسَدَ. وَإِنْ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ اُعْتُبِرَ عَدَمُ الطَّوْلِ وَخَوْفُ الْعَنَتِ وَقْتَ إسْلَامِهِ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ.
تنبيه: مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَإِنْ عَتَقَتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ ثُمَّ أَسْلَمْنَ لم يَكُنْ له الِاخْتِيَارُ من الْبَوَاقِي. أنها لو عَتَقَتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ بعد [بحد] إسْلَامِهِنَّ كان له الِاخْتِيَارُ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي ليس له الِاخْتِيَارُ بَلْ تَتَعَيَّنُ الْأُولَى إنْ كانت تُعِفُّهُ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ.
تنبيه: قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ حُرَّةٌ وَإِمَاءٌ فَأَسْلَمَتْ الْحُرَّةُ في عِدَّتِهَا قَبْلَهُنَّ أو بَعْدَهُنَّ انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ. وَتَعَيَّنَتْ الْحُرَّةُ إنْ كانت تُعِفَّهُ. هذا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لم تُعْتَقْ الْإِمَاءُ ثُمَّ يُسْلِمْنَ في الْعِدَّةِ فَأَمَّا إنْ عَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ في الْعِدَّةِ فإن حُكْمَهُنَّ كَالْحَرَائِرِ.
فائدة: قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ عبدة [عبد] وَتَحْتَهُ إمَاءٌ فَأَسْلَمْنَ معه ثُمَّ عَتَقَ فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ. هذا صَحِيحٌ لَكِنْ لو أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَرْبَعُ إمَاءٍ فَأَسْلَمَتْ اثنتان ثُمَّ عَتَقْنَ فَأَسْلَمَتْ الثِّنْتَانِ الْبَاقِيَتَانِ كان له أَنْ يَخْتَارَ من الْجَمِيعِ أَيْضًا على أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَتَعَيَّنُ الْأُولَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ وَعَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحُرِّ لَا يَجُوزُ له أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ إلَّا بِوُجُودِ الشَّرْطَيْنِ فيه. بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ.
فائدة: لو كان تَحْتَهُ أَحْرَارٌ فَأَسْلَمَ وَأَسْلَمْنَ معه لم يَكُنْ لِلْحُرَّةِ خِيَارُ الْفَسْخِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. قال الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ. وقال الْقَاضِي في الْجَامِعِ هو كَالْعَيْبِ الْحَادِثِ.
|